Wednesday, December 12, 2007

لبنان : منظمة العفو الدولية تدعو إلى مراجعة قضية يوسف شعبان


بعثت منظمة العفو الدولية برسالة إلى السلطات اللبنانية تدعوها فيها إلى إجراء مراجعة مستقلة لقضية يوسف شعبان الذي حُكم عليه بالسجن المؤبد في أكتوبر/تشرين الأول 1994.

ويوسف شعبان، لاجئ فلسطيني مقيم في لبنان، أُدين أمام المجلس العدلي في يناير/كانون الثاني 1994 بقتل الدبلوماسي الأردني نائب عمران المعايطة.

وفي 12 يونيو/حزيران 2007، أعلنت مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بالاعتقال التعسفي أن استمرار اعتقال يوسف شعبان تعسفي ودعت السلطات اللبنانية إلى تسوية القضية. وتبين لمجموعة العمل أنه حُرم من محاكمة عادلة، لاسيما لأنه حُرم من حقه في أن تُعيد محكمة أعلى النظر في إدانته وعقوبته. وتبين أيضاً للهيئة التابعة للأمم المتحدة أن الانتهاك الذي تعرض له كان أشد قسوة لأن "الاعتراف" الذي قبلت به المحكمة كدليل ضده، زُعم أنه انتـُزع تحت وطأة التعذيب ويبدو أن هناك معلومات جديدة تؤيد هذا الزعم.

وفي أعقاب توقيفه، احتُجز يوسف شعبان رهن الاعتقال السري بمعزل عن العالم الخارجي لمدة 10 أيام بدون السماح له بمقابلة محام ولمدة شهر آخر بدون الاتصال بعائلته. واحتُجز سراً في البداية على أيدي مسؤولين في المخابرات السورية في مركز الاعتقال التابع لهم في فندق البوريفاج الذي كانوا يديرونه في بيـروت قبل تسليمه إلى شرطة التحريات الجنائية في فرن الشباك في بيـروت. وفي محاكمته زعم أنه تعرض أثناء اعتقاله للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة لحمله على "الاعتراف"، لكن المحكمة تقاعست عن إجراء تحقيقات كافية في مزاعمه المتعلقة بالتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. كذلك حُرم من فرصة تقديم استئناف ضد إدانته وعقوبته أمام محكمة أعلى، كما تقتضي المعايير الدولية المعترف بها الخاصة بالحق في محاكمة عادلة.

وخلال اعتقاله، في أعقاب القبض عليه في 5 فبراير/شباط 1994، يزعم يوسف شعبان أن مختلف وسائل التعذيب استُخدمت ضده، ومن ضمنها "الكرسي الألماني"، حيث يُجبر الضحية على الجلوس على كرسي معدني يتضمن أجزاء متحركة تمدد العمود الفقري، وتعليقه من معصميه فيما كانا مقيدين خلف ظهره (البلانكو)، وصعقه بالصدمات الكهربائية، وتوجيه التهديدات إليه وحرمانه من الطعام والماء والنوم. ولم تُبلَّغ عائلته باعتقاله طوال 40 يوماً.

وقد سبق لمنظمة العفو الدولية أن أعربت عن قلقها من أن المحاكمات أمام المجلس العدلي لا تستوفي المعايير الدولية للمحاكمات العادلة ووثَّقت عدداً من المحاكمات التي شابتها شوائب.* وبشكل خاص، ليس واضحاً ما المعايير التي يختار بموجبها مجلس الوزراء القضايا التي تُحال إلى المجلس العدلي الذي تقاعس عن إصدار أمر بإجراء تحقيقات مستقلة في مزاعم التعذيب خلال الاعتقال السابق للمحاكمة والتي أدلى بها المتهمون خلال المحاكمة. وعلاوة على ذلك، وكما لاحظت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في العام 1997، "فإن حقيقة عدم خضوع القرارات التي يصدرها المجلس العدلي للاستئناف" تنتهك مستلزمات المحاكمة العادلة الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والواجبات المترتبة على لبنان كطرف في هذه المعاهدة.

وفي حالة يوسف شعبان، أثارت المستجدات التي طرأت منذ العام 1994 مزيداً من الأسئلة حول سلامة الإدانة وعقوبة السجن التي أعقبتها. ففي 3 ديسمبر/كانون الأول 2001 أدانت محكمة أمن الدولة الأردنية ياسر محمد أحمد سلامة أبو شنار وعقاب نمر سليمان الفقهاء وجمال درويش مصطفى فطاير بعملية القتل ذاتها. ولم يشر الادعاء إلى يوسف شعبان أو إلى أي دور يُزعم أنه قام به في عملية الاغتيال؛ وفي الواقع كانت الإشارة الوحيدة إلى يوسف شعبان خلال هذه المحاكمة من جانب أحد المتهمين الذي نفى صراحة مشاركة يوسف شعبان في عملية الاغتيال.

كذلك يُثير تقرير خبير المقذوفات الذي عيَّنه محامي يوسف شعبان والذي قُدِّم إلى المجلس العدلي في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2007، واطلعت منظمة العفو الدولية على نسخة منه، شكوكاً خطيرة حول وصف الأحداث كما صُوِّرت في المحاكمة التي جرت أمام المجلس العدلي.

ونظراً لهذه التطورات، تحث منظمة العفو الدولية السلطات اللبنانية على التأكد من إخضاع إدانة يوسف شعبان وعقوبة السجن التي يقضيها لمراجعة عاجلة وشاملة ومستقلة من أجل التأكد من تصحيح أي سوء تطبيق للعدالة في أقرب فرصة، وضمان إجراء محاكمة عادلة له من جديد وفقاً للمعايير الدولية أو إطلاق سراحه.

* (انظر لبنان :ممارسة التعذيب ضد معتقلي الضنية وتقديمهم لمحاكمةجائرة [رقم الوثيقة : MDE 18/005/2003]؛ ولبنان : سمير جعجع وجرجس الخوري – تعذيب ومحاكمة جائرة [رقم الوثيقة : MDE 18/003/2004]).

Friday, October 19, 2007




مؤتمر صحافي

لِمَ تستمر العدالة اللبنانية بتغطية جرائم رُستم غزَالي؟



في البداية أريد أن أرحب بكم بإسم المركز اللبناني لحقوق الإنسان وأن أشكر حضوركم. أريد أن أستغل هذه الفرصة لأشدد على الأهمية التي نعيرها في مركزنا لدور الأعلام الإيجابي من خلال مساندته لمنظمات حقوق الإنسان في نضالها من أجل تعزيز ثقافة أحترام حقوق الإنسان في لبنان.

مؤتمرنا الصحفي اليوم يهدف إلى إطلاع الرأي العام على حيثيات ونتائج الحملة التي أطلقناها من أجل إعادة محاكمة يوسف شعبان. لقد هدفت هذه الحملة إلى تصليت الضوء على معاناة يوسف شعبان وإثارة إنتباه المسؤليين السياسيين و القضائيين و الروحيين حول هذه القضية. فيوسف شعبان معتقل في السجون اللبنانية منذ 14 عاماً وأكثر بناءً على حكم مخالف لتعهدات لبنان الدولية. إن إقرار لجنة العمل الخاصة بالإعتقال التعسفي بإعتباطية توقيفه إنما هو دلالة إنعدام ثقة بالقضاء اللبناني بمجمله. أن خبراء مجموعة العمل كانوا شديدي اللهجة والوضوح في تقريرهم. فقد أعلن فريق العمل مت يلي : "أن يحكم على شخص بالإعدام، و إن خففت العقوبة إلى المؤبد، من دون تمكينه من مراجعة القرار الإتهامي والحكم أمام سلطة قضائية أعلى، يشكل لوحده إنتهاكاً خطيراً لمعايير المحاكمة العادلة... "
كما يعود فريق العمل ويؤكد أنه يعتبر أن "أنتهاك الفقرة الخامسة من البند 14 من العهد الدولي للحقوق السياسية و المدنية (الموقع عليه من قبل لبنان)، يعتبر من الأهمية والخطورة ما يضغي على محاكمة و أعتقال يوسف شعبان الطابع التعسفي"

للتذكير فقط فإننا خلال هذه الحملة قمنا بزيارات وإتصالات عدة من بينها البطريرك صفير، القاضي أنطوان خير، الرئيس فؤاد السنيورة، أحد مستشاري الرئيس اميل لحود كما أننا أثرنا الأمر مع العديد من البعثات الأجنبية في بيروت.

رغم هذه اللقاءات والوعود فإن شعور قوي بعدم الإرتياح يلازمنا، لقد فجعنا أنه بعد أكثر من سنتين على الإنسحاب السوري لم يتغير لبنان من ناحية أحترام حقوق الإنسان. كيف يمكن إذاً تفسير إصرار السلطة القضائية بشبه الإجماع على حماية قرار أخذ بعد محاكمة لا تحترم المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، في قضية بدايتها إعتقال أعتباطي في البوريفاج وتحقيق بإشراف رستم غزالة؟

هل ما زال شبح رستم غزالة يطوف في قصر العدل؟ أم أن البعض متخوف مما يمكن أن يبوح به هذت الأخير عن ماضيهم فما زال يأخذ بخاطره؟

إن لبنان دفع غالياً ثمن خلاصه من الإحتلال السوري كي نقبل أن تبقى الجرائم و الأخطاء القانونية من دون عقاب أو إعادة نظر.

كثيرة هي الحجج المتذرع بها من قبل رجال قانون محترمين حول إنعدام الإمكانية القانونية لإعادة المحاكمة،لأن القضية حكمت أمام المجلس العدلي، لا يأخذون بعين الإعتبار النقاط التالية:
1. إن الدستور اللبناني يضع التشريعات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان في مكانة أعلى من القوانين اللبنانية، لذا فلا يوجد أي نص قانوني يمنع القضاة اللبنانيين من الإعتماد على الفقرة الخامسة من البند 14 من العهد الدولي للحقوق السياسية و المدنية والسماح ليس بإعادة المحاكمة فحسب إنما بطلب أستئنافها. هذا من دون إقحام المشرع في هذه القضية إنما من خلال التفسير الإيجابي للقانون.
2. أجرت السلطات الأردنية محاكمة ثانية في نفس القضية عام 2000، ولم توجه المحكمة الأردنية أية تهمة إلى يوسف شعبان !!! ألا يشكل هذا الحدث أمراً استثنائيا يوجب إعادة المحاكمة؟ لسنا في معرض تفضيل قضاء على اخر، ولكن أوليس أقل الإيمان ان تقوم السلطات القضائية اللبنانية بطلب الإطلاع على ملف القضاء الأردني فوراً وإعادة المحاكمة على ضوء المعطيات الجديدة؟
3. رستم غزالة لم يعد في لبنان، أليس تدخله المباشر أو غير المباشر في المحاكمة وحده سبب كافياً لإلغائها؟

سؤالنا الأخير هو: هل يبقى في لبنان قضاة قادرون على تغليب ضميرهم تالمهني على مصالحم الشخصية؟ نحن لا زلنا نؤمن بوجودهم منرجو ألا يخيبوا ظننا. تايوم أتوجه مباشرة إلى هؤلاء القضاة كي يأخذوا على عاتقهم هذه القضية و يكونوا خلاقين في إبتكار الحلول القانونية للتمكين من إعادة محاكمة يوسف شعبان بطريقة عادلة.

لا يمكننا أن نقبل أن تبقى المحاكمات التي جرت تحت ضغط غازي كنعان و رستم غزالة وأزلامهم في دفاتر القضاء اللبناني.

بيروت في 19 أكتوبر 2007
وديع الأسمر
الأمين العام
المركز اللبناني لحقوق الإنسان