Monday, January 5, 2009

للتذكير: لم يعد لدى يوسف شعبان من أمل إلا توقيع فخامة الرئيس

جهاد بزي

أدناه تذكير بقضية تعود إلى ١٥ عاماً هي فترة سجن رجل فلسطيني اسمه يوسف شعبان حُكم بالإعدام المخفف إلى الأشغال الشاقة المؤبدة. قضية لفها التباس كثير ومتفرع. من أساليب التحقيق إلى محاكمة رجلين في الاردن عن القضية نفسها وإعدامهما، إلى رفض طلبات العفو أو إعادة المحاكمة التي قدمت طلبا بعد آخر.. إلى آخره.
هذا التذكير، في معظمه، لا يحلل ولا يستنتج، بل يسرد لأهم الوقائع.
في صباح التاسع والعشرين من العام ،١٩٩٤ اغتيل المستشار الاول للسفارة الاردنية في لبنان نائب عمران المعايطة، في شارع استراليا في الروشة، بإطلاق النار على رأسه بينما كان في سيارته يستعد للمغادرة الى مقر عمله.
كان اغتيالاً لا يريده أحد. لا الدولة اللبنانية بنسخة ما بعد الحرب وقد استقر رفيق الحريري رئيساً لحكومتها للمرة الاولى، ولا سوريا، الجارة الوصية على البلد وأمنه وسلامه منذ الطائف، ولا أصدقاء أميركا من العرب، وحسين، ملك الأردن، يقع في الصدارة من هذه الصداقة وقد وعد »بالثأر من الأشرار والقتلة والساقطين«.
وكان على سوريا ولبنان معاً أن يقولا إنهما بريئان من دم هذا الديبلوماسي الرفيع. لذا، كان الجهد خرافياً في سبيل إلقاء القبض على أي مشتبه فيهم. وحصل.
في الخامس من شباط، كان يوسف شعبان في سيارته عند أحد مداخل مخيم برج البراجنة، ومعه يوسف عبواني وزوجته. أوقف مدنيون مجهولو الهوية سيارة شعبان، وخطفوه وأخذوا السيارة بعدما أخلوا سبيل من معه. لاحقاً سيعرف أنهم من المخابرات السورية وقد اقتادوه إلى المقر الأشهر في البوريفاج ليبدأ التحقيق هناك.
في التاسع من شباط، قال السفير الاردني في لبنان فخري أبو طالب: »نحن نعرف تقريباً الخيوط الأولية للحادث«. في اليوم ذاته، أدلى الناطق الرسمي لحركة »فتح ـ المجلس الثوري« ببيان علق فيه على ما ورد في بعض وسائل الإعلام من ان القوى الامنية اللبنانية اعتقلت فلسطينيين اعترفوا بقتل المعايطة وان هؤلاء ينتمون الى المجلس الثوري.
وجاء في البيان أن حملة الاعتقالات التي شملت عدداً من الفلسطينيين ومن بينهم عناصر من المجلس الثوري و»نساء خضع بعضهن للتعذيب« وأكد الناطق أن »لا علاقة للحركة بقضية الاغتيال«.
فتح ـ المجلس الثوري، أي صبري البنا، أبو نضال. رجل وصفت الولايات المتحدة الأميركية منظمته في الثمانينات بأنها »المنظمة الاشد ارهابا في الوجود«. انشق عن فتح في العام ١٩٧٣ وحكمت عليه منظمة التحرير بالإعدام غيابياً بعد ذلك بعام. مشتبه في أنه مسؤول عن عمليات اغتيال و»ارهاب« في اكثر من عشرين بلدا في العالم. مشتبه في أنه اغتال مقربين من ابو عمار، وبمحاولة اغتيال الديبلوماسي الاسرائيلي في لندن العام ١٩٨٢ والتي كانت ذريعة لاجتياح لبنان. ابو نضال نقل ولاءاته بين ثلاث دول، سوريا وليبيا والعراق. حين قتل المعايطة، كان يُظن أن ابو نضال موجود في ليبيا.
بيان المجلس الثوري يذكر اعتقال نساء. يقصد »عين« ([) التي كانت تعمل في محل ألبسة ملاصق لمكان الجريمة. »عين« هي الخيط الذي أوصل الى يوسف شعبان، عضو المجلس الثوري الذي كان يتردد على المحل شهرياً لدفع مستحقات زوجها أحد »شهداء« المجلس. لاحقاً على اعتقال شعبان، القي القبض على أثنين آخرين هما عبواني وبسام عبد الله محمد عطية جبر.
بيان..
في ليل العاشر من شباط، صدر عن المديرية العامة لقوى الامن الداخلي بيان جاء فيه أنه »في ليل ٤ـ٥ شباط، توافرت معلومات للعميد الركن سليم سليم قائد الشرطة القضائية مفادها أن شخصاً يدعى يوسف محمود شعبان اسمه الحركي وائل محمد علي من التابعية الفلسطينية هو فاعل او مشترك او محرض او متدخل في هذه الحادثة. تم التنسيق مع الأجهزة الامنية اللبنانية ومع جهاز الامن والاستطلاع في القوات العربية السورية العاملة في لبنان مما ادى الى توقيفه. في البيان نفسه: وبنتيجة التحقيقات تبين ان القاتل هو يوسف محمود شعبان الملقب وائل بالاشتراك مع الموقوفين الثلاثة (لم تذكر أسماؤهم) وآخرين لا يزالون متوارين عن الأنظار«.
في ذاك اليوم ايضاً، وقبل بيان الامن الداخلي، نقلت وكالة »رويترز« عن وكالة »بترا« الاردنية أن الرئيس اللبناني الياس الهراوي اتصل بالملك حسين واعلمه »ان اجهزة الامن اللبنانية قد قبضت على جميع الذين اشتركوا في عملية اغتيال المعايطة«.
وفي اشارة سياسية، ذكرت صحيفة لبنانية إن »مصادر وزارية افادت ان الحريري قد زود الاجهزة الامنية المختصة تعليمات صارمة بوجوب كشف مرتكبي هذه الجريمة التي أريد منها بحسب هذه المصادر إرباك لبنان وسوريا والأردن على عتبة استحقاقات عملية السلام«.
قضي الأمر هنا. السوريون واللبنانيون القوا القبض معاً على يوسف ورفاقه الثلاثة. والرئيس الهراوي زف البشرى الى الملك حسين. عاد الصفو إلى سماء الدول الثلاث. واتهم الملك حسين »دولة عربية بالطلب من مجموعة متطرفة باغتيال المعايطة ورئيس هذه المجموعة يحتمي في هذه الدولة«، وتولى »مصدر أردني مسؤول« فك الشيفرة السهلة: »الدولة هي ليبيا ورئيس المجموعة هو ابو نضال«.
صدر الحكم بحق يوسف شعبان. الباقي تفاصيل.. تقنية.
قرار اتهامي..
في الرابع والعشرين من آذار، صدر القرار الاتهامي عن قاضي التحقيق العدلي سعيد ميرزا، وفيه طلب الإعدام لسبعة متهمين في القضية التي أحيلت الى المجلس العدلي، السلطة القضائية الأعلى في البلاد:
يوسف محمد شعبان الملقب بوائل محمد علي.
يوسف مهيوب عبواني الملقب بسليم قاسم مهيوب
بسام عبد الله محمد عطية جبر الملقب بنضال مروان
سمير خليل مصطفى احمد الملقب براشد احمد عطية
وصفي عبد الرحيم الملقب بوصفي حنون
ثائر محمد علي المعروف بثائر الرفاعي
عقاب نمر الفقهاء الملقب بعزالدين نمر.
الأربعة الأخيرون فارون. وغيرهم ثمانية من التنظيم مجهولو باقي الهوية سطرت في حقهم مذكرات تحر دائم توصلاً الى معرفة هويتهم الكاملة.
ويشرح القرار الاتهامي مهام الأشخاص الخمسة عشر المذكورين في »المجلس الثوري«. وجاء في القرار أنه: »أقدم كل من يوسف شعبان وثائر محمد علي وعقاب نمر الفقهاء وسمير خليل احمد على تنفيذ ما خطط له بإطلاق النار على نائب المعايطة من مسدسات حربية«.
وجاء في القرار أنه في صباح الجريمة، »وصل الثلاثة (شعبان وثائر محمد علي وعقاب نمر الفقهاء) الى المكان الموعود وانتظروا معايطة، وأتى هذا وصعد في سيارته وأدارها، »وما أن كادت السيارة ترجع بضعة امتار وعلى مهل حتى اقترب المدعى عليه ثائر واطلق عيارات عدة في اتجاه زجاج الباب الامامي الايسر، الامر الذي احدث كوة في ذلك الزجاج وأصبحت رؤية المعايطة أكثر وضوحاً نظراً الى الضباب الذي كان يغطي الزجاج من الداخل كون الطقس ماطراً، بعدها تقدم شعبان وأطلق عيارات عدة في اتجاه رأس المعايطة وجسده وهو خلف المقود، ولم يتوقف حتى تأكد من مقتله«.
يتابع القرار في مكان آخر: »تبين أن المدعى عليه شعبان نفى بادئ الامر ان تكون له علاقة بالجريمة. واضاف ان صديقه ثائر محمد علي أبلغه عند حصولها«.
محكمة
»كل ما قيل عني أو مني كان نتيجة التعذيب لدرجة انني قلت في التحقيق الأولي ماذا تريدون مني، لقد اقترفت اكبر الجرائم. انا الذي فجرت طائرة لوكربي وانا من اقترف كل الجرائم في العالم، لكن خلصوني من هذا العذاب، لم اعد احتمل. لكن رجال التحري لم يدونوا ذلك، لأنهم أيقنوا الحالة النفسية المنهارة التي اوصلوني اليها«.
هذا يوسف شعبان يقف امام المجلس العدلي برئاسة القاضي فيليب خير الله في المحكمة المعقودة بتاريخ ١٣ حزيران من العام ،١٩٩٤ وهي واحدة من ست جلسات ستعقد على مدى شهرين ونصف قبل النطق بالحكم في ١٩ تشرين الأول من العام نفسه.
شعبان قال ايضاً إن »المحقق العدلي سعيد ميرزا قال إنه شاهد آثار الضرب المبرح وأنه قال انه ليس بحاجة إلى لجنة طبية لتثبيت ذلك لأن الضرب والتعذيب ظاهران للعيان«.
صدر الحكم في ثلاثين صفحة، ورد المجلس الدفع الذي قدمه المحامي بشارة ابو اسعد بعدم اختصاص المجلس بالقضية، كما رد الدفع ببطلان معاملات التحقيق لأكثر من سبب أهمها التعذيب وجاء في الحكم: »لا يؤثر في قناعة المجلس تراجع المتهمين يوسف شعبان ويوسف عبواني عن اعترافهما وذلك عند الإدلاء بإفادتهما امام المحقق العدلي وأثناء المحاكمة العلنية، لأن اعترافهما سابقا جاء مطابقا لواقع القضية كما ظهر من الدلائل والافادات والشهادات والاوراق فضلاً عن ان هذا التراجع غير مبرر بسبب مقنع، ويرى المجلس ان الغاية منه هي محاولة التملص من المسؤولية ويتوجب إهماله، لأنه لا يتفق والقناعة التي تكونت لدى المجلس، ولا يمكن التوقف ايضاً عند تذرع جهة الدفاع بان المتهمين المذكورين كانا ساعة حصول الحادث موجودان في البقاع وان يوسف شعبان ذهب لشراء سيارة مرسيدس وقد تم شراء هذه السيارة من صاحب معرض للسيارات يدعى حسين امون في عنجر، لأن هذه الواقعة بقيت مجردة عن الدليل. فقد نفى شهود الدفاع معرفتهم بأي من المتهمين باستثناء الشاهد حسين امون الذي لا يمكن الركون إلى ذاكرته للتأكد من ساعة حضور يوسف شعبان الى معرضه لشراء سيارة على افتراض حصوله يوم الجريمة«...
»كما لا يؤثر في قناعة المجلس محاولة الشاهدة »عين« التراجع عن بعض اقوالها أثناء المحكمة«.
وايضاً، فان »ما يدلي به وكيل المتهمين من ان اتجاه الرصاص يدّل على ان الجاني هو واحد لا يرتكز على أي اساس حسي او واقعي، لأن التحقيقات اثبتت ان شخصين قد اطلقا النار على المغدور الواحد تلو الآخر وكان يقف كل منهما على يسار سيارة المغدور، فمن الطبيعي ان يكون اتجاه الرصاصات المطلقة على المغدور واحداً ومن اليسار الى اليمين وفي خط أفقي مستقيم لأن اطلاق النار حصل من الموقع نفسه«.
وفي الحيثيات أنه ثبت للمجلس من مجريات التحقيق »ان المتهمين يوسف شعبان وثائر محمد علي (الفار) قد أطلقا بالاشتراك طلقات نارية عدة على المعايطة من مسدسيهما الحربيين«. وحُكما بالإعدام المخفف الى الاشغال الشاقة.
أما لجهة فعل المتهمين يوسف عبواني وبسام جبر فهو »مساعدتهما الفاعلين على الافعال التي هيأت للجريمة وسهلتها واشتراكهما بالاجتماع الذي خصص للتخطيط لهذه الجريمة. حكما بعقوبة الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبإخراجهما من البلاد بعدها.
اما فعل المتهم عقاب نمر الفقهاء فاقتصر على المراقبة لحماية الفاعلين الاصليين عند الاقتضاء فهو من قبيل التدخل في الجريمة بطريقة المساعدة«، وهو حكم غيابياً بعشر سنوات من السجن.
ثمة محكومون آخرون فارون أيضاً، غير أن هؤلاء لم يظهروا حتى اللحظة، لا في الحكم اللبناني، ولا في الحكم الأردني، الذي سيقلب القضية رأساً على عقب، إلا حقيقة واحدة: عبواني وجبر أمضيا كل فترة سجنهما وغادرا السجن في العام ،٢٠٠٤ ليذهب جبر إلى الاردن! اما يوسف شعبان فما زال حتى تاريخ اليوم مسجوناً.
محكمة ثانية..
أُغلقت القضية في لبنان. هذا ما لم يحدث في الاردن الذي بقي يطارد مشبوهين في القضية حتى استطاع أن يقبض بداية على »ياسر محمد حمد سلامة أبو شنار« الملقب ثائر محمد علي. هذا اعترف بانه وحده الذي اطلق النار على المعايطة وان عقاب نمر الفقهاء كان معه، وبأن يوسف شعبان التقى به بعد يومين على الجريمة فواجهه بالقول إن »عين« رأته يطلق النار على المعايطة، فأنكر بداية ثم أخبر شعبان بكل التفاصيل، وفي التحقيق معه ايضاً، قال ان يوسف شعبان لم يشاركه هو ونمر الفقهاء وراشد عطية في تنفيذ الاعتداء على الدبلوماسي الاردني وليس له أي علاقة ولم يحضر الى المنطقة«.
القى الاردن القبض أيضاً على جمال درويش الفطاير الملقب راشد أحمد عطية في اواخر العام ٢٠٠١ واعترف بأن المسؤولين عن العملية اربعة هم ياسر ابو شنار وعقاب الفقهاء واحسان صادق وهو نفسه. ولم يأت على ذكر المحكومين الثلاثة في لبنان.
رُفض الطلب.. رفض الطلب.
أعدم الأردن ابو شنار والفطاير تباعاً في العامين ٢٠٠٢ و.٢٠٠٣ في لبنان، كان يوسف شعبان ورفيقاه يبدؤون من جديد.
ثمة حكمان متناقضان تماماً، فالمحكومون الثلاثة في لبنان لا ترد أسماؤهم في الحكم الأردني. ومطلق النار بحسب المحكمة الأردنية واحد، أما في اللبنانية فاثنان. وثمة أكوام من الأوراق حول التحقيقات والاستجوابات من المحكمتين. بديهي، والحال هذا، أن يطلب الرجال القابعون في سجنهم إعادة محاكمة، لكن الحكم صادر عن المجلس العدلي ذي الأحكام المبرمة التي لا تقبل نقضاً ولا استئنافاً ولا غيره. رد طلب إعادة المحاكمة الأول كان في العام .٢٠٠٢
كان على وكيلة المحكومين الثلاثة، المحامية مي الخنسا، ان تسعى إلى »طلب العفو الخاص عن موكليها الثلاثة بعدما سد باب المراجعة القضائية نتيجة الخطأ والنقص الذي اعترى المادة ٣٦٦ من قانون اصول المحاكمات الجزائية الذي جعل من أحكام المجلس العدلي غير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة العادية وغير العادية«.
شعبان لم يكن يريد عفواً خاصاً، لكن لم يكن بالأمر حيلة. مع ذلك، رد الرئيس إميل لحود طلب العفو الخاص. ثمة سجين آخر في ذلك الحين اسمه سمير جعجع.
في العام ٢٠٠٤ قررت الخنسا اللجوء إلى سبيل قانوني آخر، وهو »استعادة حكم خاطئ«، بحسب اجتهاد قانوني فرنسي. رد المجلس العدلي بالإجماع الطلب. كان عبواني وجبر قد أنهيا فترة حكميهما، وغادرا السجن.
في أواخر العام ٢٠٠٥ عدلت المادة ٣٦٦ لتسمح بإمكانية الاعتراض واعادة المحكمة الصادرة عن المجلس العدلي الذي يبقى المرجع المختص بالنظر في طلب إعادة المحكمة الصادرة عنه.
في العام نفسه ردت لجنة العفو الخاص المنبثقة عن مجلس القضاء الاعلى طلب العفو الخاص لعدم مرور ثلاث سنوات على تقديم طلب مشابه. كانت الخنسا قد تقدمت بطلب اعادة محاكمة رفض بدوره في آذار من العام .٢٠٠٦
في العام ٢٠٠٧ تقدم المحامي بدوي أبو ديب ([[) بوكالته عن يوسف شعبان بطلب إعادة النظر في الحكم الصادر في حقه في ضوء ادلة فنية جديدة. رفُض الطلب.
يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ارسلت الى الحكومة اللبنانية رسالة بتاريخ ٣٠ تشرين الاول ٢٠٠٧ وصف فيها استمرار احتجاز شعبان وإدانته بالتعسفي وغير القانوني. وورد في الرسالة، وهو قد يكون ذات دلالة في سياق الرفض تلو الرفض: »انه بين القضاة الذين نظروا في طلب الاستئناف كان ثمة بعض القضاة الذين كانوا قد أصدروا حكم إدانته، وانهم سيكونون غير متحمسين للتشكيك في ما كانوا هم أنفسهم قد أصدروه من أحكام«.
الآن.. وغداً
طلب العفو الخاص الذي رفعته الخنسا إلى رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان موجود منذ خمسة اشهر تقريباً لدى لجنة العفو الخاص. وزير العدل ابراهيم نجار كان وعدها خيراً. يوسف شعبان في السجن. اقل الإيمان، اي اعادة المحاكمة، يبدو مستحيلاً. شبعان ينتظر توقيعاً من فخامة الرئيس ليعود إلى أولاده الثلاثة الذين كبروا بعيداً عنه والى زوجته وامه واخوته وحياته. لم يعد لدى يوسف شعبان من أمل إلا هذا التوقيع. مجرد توقيع.
[ عين هو الحرف الأول من اسم السيدة الفلسطينية التي ترفض إجراء أي مقابلة صحافية. وقد فضلت »السفير« عدم نشر اسمها حفاظاً على خصوصياتها الاجتماعية.
[[ أبدت »المؤسسة اللبنانية للإرسال« اهتماماً خاصاً بيوسف شعبان. فبعد مقابلة مشهودة لمارسيل غانم معه من قلب سجن روميه، صار رئيس مجلس إدارتها بيار الضاهر على اتصال دائم مع عائلة شعبان، وهو الذي كلف »أبو ديب« تولي القضية التي عادت بعد رد الطلب إلى الخنسا، وهي لا تتقاضى أي أتعاب لقاء وكالتها.

أم يوسف. ما إن يبدأ الحديث عن ابنها السجين منذ ١٤ عاماً، حتى يختلط البكاء عندها بالصراخ. تبكي آلام الجسد وأمراضه التي راكمتها الحياة بعدما سيق ابنها إلى السجن المؤبد. وتصرخ ضد »الظلم اللاحق بابني«. صرت اتمنى أن يكون مذنباً كي أقول لنفسي إنه يستحق سجنه، لكنه »بريء بريء بريء«.
مصاعب السيدة التي تعيش في مخيم برج البراجنة متصلة. خطف زوجها إثر اجتياح العام .١٩٨٢ حملت صورته وبحثت عنه لسنوات. وربّت الاولاد وحدها. حين صلب عودهم وأحست بأنها سترتاح،كانت القضية التي »سجنتها« هي أيضاً منذ العام .١٩٩٤ (الصورة لـ: علي علوش